bac-menu-icon

كأنه بحر

· ·
20 يونيو, 2025 - 20 سبتمبر, 2025

تجهيز فني موقعي لناتالي حرب بالتعاون مع جوزف قاعي وليا كيروز
 من حزيران وحتى أيلول ٢٠٢٥

طقم من الأجسام المصنوعة والمجمّعة ينتشر فوق سطح مركز بيروت للفن، مُشكّلًا مجموعة من المعماريات الصغيرة المرتجلة التي تمحو الحدود بين الوظيفة والخيال. تستحضر هذه التركيبات روح الابتكار في الاستخدامات العفوية، وإيماءات التكيّف والرغبة التي لطالما حرّكت المشهد الحضري في بيروت. بُنيت هذه الأجسام ممّا هو متاح، وممّا قد نحتاجه في المستقبل، لتقترح فضاءً للمتعة كفعل مقاومة، ومشهديّة لعوالم ممكنة، واستخداماتٍ مُراوغة، وفرحٍ زائل.

يحل المكان حميمًا ومُرتجلًا، إذ تتحوّل الخيمة إلى أريكة، وبركة، ومرصد، ويتحوّل السطح إلى أرضيةٍ للاسترخاء، والتأمّل، والعرض، واللقاء. يلوح المكان نحو البحر، القريب والبعيد في آن، فيما تقف أشجار التين البريّة والأعشاب كشاهدةٍ صامتة على شاطئٍ مُتخيَّل.

هذا المشروع هو رسالة حبّ إلى بيروت. ينبع من علاقة جسدية، عميقة، مع المدينة، مع إيقاعاتها، وقطائعها، وندوبها، وتحوّلاتها، إذ يُستوحى من زمنٍ كانت فيه الأسطح، والحدائق المهجورة، والشقق المتروكة، ملاذًا للحبّ والأحلام، تدعو هذه الأعمال الزوّار إلى إعادة اكتشاف المدينة عبر اللهو والرِقّة، لكي يصبح التخيل وسيلةً لتجريب واقعٍ آخر.

تخيّلوا: تخيّلوا أنه بحر، تخيّلوا أن البحر يُرى، أن الهواء ناعم، وأن الوقت يمضي ببطء.

في مدينةٍ تفرض يقظةً دائمة، يصبح التمتّع فعل تحدٍّ، ويتحوّل السطح إلى فضاء مشترك مُصمَّم بعناية، حيث الأداء والراحة وجهان لعملة واحدة.

بتكليف من مركز بيروت للفن، يجمع هذا المشروع الفنانة ناتالي حرب بالتعاون مع مؤلّف القصص المصوّرة والفنان جوزف قاعي، والمعمارية والباحثة ليا كيروز، بمساهمات من حرفيي وود فاكتوري، وخيّاطي لوفت أتولييه، ونسيج رخا، وتينول. تستند ممارسات حرب المتعددة التخصصات إلى مفاهيم الرفاهية، وعدالة المكان، وإعادة التفكير في الفضاء العام، وتقود هذا المشروع بإنصاتٍ عميق إلى السياق، والتعاون، واحتياجات الجسد الدقيقة وتفاصيل حضوره في الفضاء العام. مع شركائها، تقترح حرب أشكالًا بديلة للوجود معًا: مساحات للراحة من دون انسحاب، للحميمية من دون انغلاق، وللانتماء الممكن ضمن مشهدٍ مدينيٍّ متشظٍّ.

«كأنه بحر» هو مشهديّة، تحيّةٌ للمدينة، واقتراحٌ مفتوح. فضاء عام معلّق بين الماضي والإمكان، بين الذاكرة والاختراع. مكانٌ للتوقّف، وللتخيّل، وللوقوع في الحب من جديد.