bac-menu-icon

جحيم بين اسناني، شبح في قلبي وأنين لا ينتهي . رائد ياسين

Raed Yassin

·
18 أبريل, 2024 - 7 سبتمبر, 2024

على مدار ٢٠ سنة من مسيرته الفنية، انكبّ رائد ياسين على معاينة تجاربه وخبراته الشخصية ومساهمتها في سردية تاريخية جماعية ضمن سياق ثقافة الاستهلاك والإنتاج بالجملة.  “جحيم بين اسناني، شبح في قلبي وأنين لا ينتهي” هو المعرض الفنّي الأوّل من نوعه لرائد ياسين في بلده الأم والمؤلف من أربعة عشر عملاً فنيًا أنتجها الفنان خلال السنوات الأربع الماضية، ومن بينها سبعة مشاريع فنية جديدة. لجأ ياسين إلى استخدام وسائط فنية متنوعة ومتعددة ومنها السينما والصوت والنحت والتصوير وأعمال تركيبية.

يعالج ياسين من خلال هذه الأعمال مفاهيم متعددة مثل الفشل والموت والفقدان والذاكرة والاختفاء، ويواجه الطيف المهيمن في وعلى الماضي والمستقبل. كما يسعى لطرح هذه المسائل الوجودية عبر عرض أشكال ورموزٍ معروفةٍ ومربِكةٍ في آن، تعود لمشاهير الثقافة الشعبية ولشياطين مختلفة وتشمل صور يمكن وصفها بالجنائزية وحيوانات وجماجم وصور فوتوغرافية وجدها الفنان. ويأتي إدراج محبوب بيروت “شوشو” ضمن تلك المشاهد والصور ليضيف طابعًا لاذعًا على المعرض يدعو الزائرين للتأمّل في هشاشة وتعقيد الوجود الفعلي في وجه الفشل والفقدا المتواصل والمطوّل.

أجبرتنا غرابة السنوات الأربع الماضية، التي اتسمت بحدة متصاعدة للحروب والعنف والقلق والخوف وانعدام الاستقرار، على مواجهة مسائل ومشاكل تراكمت وتفاقمت ببطء شديد على مدى العقود، مشكّلةً بالتالي الأطر المادية والعاطفية والنفسية لتجاربنا الحياتية الحالية. بواسطة الأعمال المتنوعة المدرجة في المعرض، يغوص ياسين في تفاصيل عالم الذاكرة وظاهرة تطبيع العنف، كونهما عنصران أساسيان في عملية بناء السرديات التي تتحدى وتقارع مفاهيم البدايات والنهايات، داعيًا إيانا لإعادة اكتشاف آلية عمل ذاكرتنا. وإلى جانب أعمالٍ أخرى تسعى لفهم الانهيار المتكرر للزمان والمكان، يدفعنا فنّ ياسين إلى الإقرار بإحساس بالتفكك والتنافر الشامل الذي بات طاغيًا في حياة الكثيرين.
يطرح معرض “جحيم بين اسناني، شبح في قلبي وأنين لا ينتهي”، وهو مطعّمًا بحس فكاهة ياسين وبتلميحات مضحكة إلى عبثية الحياة والجحيم الذي نعيش فيه، ويطرح السؤال: كيف لنا أن نواجه الشعور الطاغي بالفقدان والموت من دون أن تتلاشى ذكرانا ببطء؟ وكيف يمكننا الاستمرار في العيش في ما يبدو أنه وجود قاتل وبائس، من خلال التعلّق بهذا الشعور المتواصل بالتفكك بإصرار وتصميم كبيرين على الرغم من انتشار الموت، وليس كأطياف أو أشباحٍ تحاول تفاديه؟