تم تخيّل معرض «المسافة بين عينيك والشمس» على هيئة حديقة مجرّدة، تشكّلها رُقعتان وممشى غير متوقع. يتعاطى شربل جوزف حاج بطرس مع هذا المعرض باعتباره مادة خام، تتيح له فرصة الإسهاب في أعماله، فيخترق الهيكل التقليدي للمعرض ويحوّله إلى جسد عضوي شامل، أطرافه – أو بالأحرى مكوّناته – لها دور فاعل في صنع الفن. تصاغ هنا مجموعة من العلائق غير المعهودة، تجمع ما بين العمل الفني والفنان والمؤسسة وفريق العمل والزوار، إذ يسلك هؤلاء جميعاً دروباً مغايرة ويصيغون – سوياً – لهذا المعرض مخططاً مركّباً بقدر ما هو طموح وفي نشوء دائم. ينشأ عن التداخل المثار هنا ما لا يحصى من المواقف السوريالية، من المنتظر أن تتجاور على نحو مرهف. إذ يقوم حاج بطرس بسرد تلك السيناريوهات التي قد تبدو متنافرة، وينظُم عزفها.
«ممشى» هو ممر نظيف متعالٍ مكرّس لفريق العمل في المؤسسة، يفصل حراكهم عن زوار المعرض فيخلق مشهداً لا يخلو من الغرابة، ولا سيما بين رواد المؤسسة المعتادين. أما «جغرافيا وتجريد» فينقل وزن العضوين المؤسسين لمركز بيروت للفن إلى ما يكافئه في صورة اسطوانات من الإسمنت، وُضعت تحت سجادة في وسط المعرض. وهكذا، يتحول جسديهما إلى عمل نحتي تجريدي عضوي، ومنصة مفاهيمية في المعرض تعكس جغرافيا مغايرة، يتجول فوقها وبينها زوار المعرض. «المعرض بيننا» يصطفي اثنين من زوار المعرض على نحو عشوائي، وهما أول من يشهد المعرض وآخرهم، كي يُنقش اسماهما على لوحين من الرخام يشيران إلى افتتاح المعرض وختامه. وهكذا، يتكشّف المعرض ما بين لوحين تذكاريين، وما بين شخصين. أخيراً وليس آخراً، ثمة كرة صغيرة من الزجاج تضم دمعة من عين صاحب الغاليري اليسرى، وقد خُلطت بماء من المحيط الأطلسي. تُعرض الكرة إلى جوار نموذج مُصغّر لمشروع معماري غير متحقق ملائم لتقديم العمل. متحف مثالي غير مُتحقق معروض في داخل فضاء مركز بيروت للفن الجديد، إلي جوار عمل فني يقبع في انتظار أبدي كي يتحقق متحف أحلامه.
تأتي هذه الفاعلية في سياق أشغال داخلية 8: منتدى عن الممارسات الثقافية.
بإذن من الفنان وغاليري غراي نويز، دبي وغاليري جاكلين مرتينز، ساو پاولو.