يدعو مركز بيروت للفنّ من خلال معرض “إسمع” فنّانين ومؤلّفين موسيقيّين تطوّر أعمالهم السماعيّة منها أو الصامتة أشكالاً معاصرة من الإنصات ليتشاركوا فضاء العرض. ترتبط هذه التجربة الحسيّة ضمن أعمالهم باختبار البعد والقرب, الباطن والخارج. ولإنّ الأذن البشريّة بلا أجفان فحساسيّتنا السماعيّة هي الأولى عرضة لتلقّي عملية انتقاء واقتطاع وإعادة ترتيب المادّة الصوتيّة التي نتلقّاهاز يتراوح بين الإغراق والتحليل, يعتمد على الإصغاء والتمييز أو على الأجهزة التقنية التي تخصّص الأصوات وتعيد إنتاجها وترجمتها عبر التسجيل والتضخيم.
في ضوء الانتشار والكفاءة المتزايدة للوسائط السمعيّة البصريّة. بات السماع موضوعاً متفرّداً للبحث الفنّي ومساحة إبداعيّة ومتنوّعة في آن. هو أقرب ما يكون إلى مشروع فنّي أو مساحة للتجريب ولممارسة النقد. يعمل الفنانون والمؤلفون الموسيقيّون المجتمعون هنا أنماطاً حسيّة ذات صياغات واسعة الاختلاف والتنوّع من أجل وصف أو إنتاج حالة معيّنة من تلقّي المادّة الصوتيّة وتأويلها, من المعتقدات التي تستتبعها هذه الحالة والمعلومات التي توصلها والنطاقات الفرديّة والجمعيّة التي تُحدّد تبعاً لذلك. الأعمال التي يقدّمها المعرض هي تعبيرات سمعيّة بصريّة تستلهم التجربة العمليّة أو التخيليّة للصوت. وتبتكر من خلالها مجالاً للاستشعار ببعديه الشكلاني والمفاهيمي. تتخطى هذه الأعمال فكرتي الصمت وتوسيع الطيف السماعيّ اللتين أشاعهما جون كيدج إلى اختبار كوامن وحدود الإدراك أو إعادة اختبار الثقافة الماديّة والأدائيّة لتقنيّات التسجيل والبث.