«… أو، حين غفوتُ لثمانية عشر نهاراً وليلاً»، هو عرضٌ تجهيزيٌ ذو علاقة بحاسّة الشمّ لپترا سرحال، يتمحور حول تأثير الانهيار الاقتصادي والسياسي في لبنان، الذي تزامن مع الوباء، على وظائف الجسد. تأخذ الفنانة الجمهور بجولةٍ حسّية، بحيث تكون حاسّة الشمّ الحاسّة الأساسية لاكتشاف أماكن ومواقف وذكريات ومشاعر، وبحيث يكون جسدها في حالة تحوّلٍ مستَمر.
في لبنان، اتخذ الانهيار الذي تزامن مع الوباء العالمي، شكل هبوطٍ حرّ سنة 2020 – هبوطٌ لا قعر له، وضَع جسمي في حالة سقوط دائم، لا أعرف متى أو أين أو بماذا سيرتطم. في أثناء السقوط نحو الجحيم، بدأ جسمي بأداء ارتجال حرّ، حركات لأعضائه خارجة عن السيطرة، لكل نوعها، شكلها، وايقاعها. سيطر على تنفّسي أصحاب السلطة والنفوذ، نظّموا إيقاعه في سلسلة أحداثٍ مروعة. حبست أنفاسي، مرة تلو الأخرى، ثم من جديد.. ابتلعتُ هذه الأنفاس المحبوسة حتى ما عاد جسمي قادراً على الأرشفة.
في هذا العرض الأدائي، سيسقط جسمي في حفرة، سيدخل إلى عالمٍ عجيب، وسيحاول اجتياز متاهة، حيث تصبح الرائحة مكانًا ملموساً والنفَسُ مقياسًا للوقت.
خدوا نَفَس…
للأنف دورٌ هام في طريقة فهمنا للعالم حولنا واختبارنا له. فالمعلومات التي يتلقاها مركز الشمّ في الدماغ تنتقل مباشرةً إلى أجزاء مختلفة من الدماغ، بما في ذلك الأجزاء المرتبطة بالذاكرة والعواطف. بذلك، يختلف مسار المعلومات الوافدة عبر حاسة الشمّ عن مسار تلك الوافدة عبر الحواس الأخرى كالبصر والسمع. فهذه الأخيرة يتم تحليلها أولاً في نقطة دماغية مركزية قبل أن تنتقل إلى أجزاء مختلفة من الدماغ.
نأخذ حوالي 22,000 نفس يوميًا. ومع كلّ نفس، ينقل الأنف آلاف الجزئيات ويحللها، وهو قادر على استيعاب عشر آلاف رائحة تقريبًا. تتعرف نقاط الاستشعار في الأنف على الكثير من المعلومات عن الأشخاص الذين نلتقي بهم، والأماكن التي نسكنها، وترسل رموزاً إلى دماغنا على هيئة مشاعر أو محفزات للذاكرة، أو حتى كأوامر بالمواجهة أو الهروب من موقف ما. تنتقل هذه الرموز مع كل نفس نأخذه أو نحبسه أو نقطعه، فتؤثر بشكل دائم على أجسادنا. القليل جداً من كلّ هذه المعلومات يُترجم إلى لغة.