جان لوك مولان فنان معروف كمصوّر وبالأخصّ لمجموعته منتجات إضراب (٢٠٠٠- ٢٠٠٣) ومنتجات من فلسطين (٢٠٠٢-٢٠٠٤)، ساهم نهجه الوثاقي للتصوير الفوتوغرافي في التساؤل عن وظيفة الصورة وسياساتها، بالإضافة إلى العلاقة ما بين المصوّر والموضوع والمشاهد. أصبح مولان منذ أواخرالتسعينات ملتزم في إنتاج أجسام على شكل أغراض ورسومات كردّة فعل على تزايد اللّا مادية في العمل. بالرّغم من ذلك تختفي الحدود ما بين هذه الأجسام والصورة، ويتابع الفنان إستعمال التصوير كأداة بحث.
هذا المعرض هو أوّل عرض فردي لمولان في لبنان، إلاّ أنّ تجربته في هذا البلد كانت قد بدأت منذ أكثر من عقد تقريباً؛ فقد زار مولان لبنان في عام ١٩٩٩ و٢٠٠٢ وأنتج مجموعة صور في مدينة صيدا. تتألف هذه الصور الفوتوغرافية من مشاهد وبورتريهات لأفراد إلتقى بهم وتعرّف عليهم خلال زيارته للمدينة. طٌبعت الصوّر بحجم كبير (٢ x ٣ متر) وعُلّقت على جدران المدينة القديمة مستحضرةً العلاقة المعقّدة ما بين المساحات الخاصّة والعامة، سامحةً للمقيمين بتملّكها كبادرة إستعادة.
سيقدّم الفنان في هذا المعرض أعمالاً بوسائط مختلفة من الصور الفوتوغرافية إلى رسومات بقلم حبري كروي BIC وأجسام على شكل أغراض وفيديوهات بالإضافة إلى مجسّم كبير الحجم سيُنتج خصيصاً للعرض. بالرّغم من أنّ هذا المعرض غير إستعادي لأعمال مولان إلّا أنّه يضمّ بعضاً من أعماله التي قام بها في مراحل مختلفة من حياته الفنية. يتألّف المعرض من أربعة أجزاء. الأوّل يضمّ أعمالاً تبحث في الجسد وعلاقته بالمساحات الخاصّة والعامة. الثاني يقودنا للتفكير في وسائل وعملية الإنتاج الصناعي مشدّداً على مفهوم ” النموذجي” . في الجزء الثالث، وُضعت التشكيلات الفنّية المصنوعة يديوياً في حوار مع الصور الفوتوغرافية والتي يعتبرها الفنان “وثائق”. ويُختتم المعرض بمجموعة رسومات وفيديوهات تدور حول المشاهدات والحركات الأدائية وإعادة التفكّر في الأمور اليومية الدنيوية.
منطلقاً من مفهوم السبعينات للفن كلغز، يتّبع مولان نهجاً فاصلاً ورافضاً للأفكار المعرّفة بوضوح، بالإضافة إلى أنّه يعالج فيه مواضيع مختلفة. في هذه الأعمال المعروضة يواجه الفنان المشاهد بالنموذجي والفردي، كما الجانب الأدائي لتشكيل الهوية. بدلاً من تحديد فكرته، يفسح الفنان المجال أمام المشاهد للتأويل، كما تشغل مولان التوتّرات والنزاعات والمسلّمات والمرفوضات في الأنظمة التي تسيطر على حياتنا بدءًا من الإقتصاد وصولاً إلى الثقافة. يُقال أن الفنان ينتج حِيَلاً للحقيقة وتشكيلات فنية مصنوعة يدوياً ومساحات بهدف إختبار المشاهد بخيارات وإختيارات؛ بهذا المعنى نجد أن العديد من أعماله مُصاغة في المستقبل مشيرةً إلى إحتمالية تغيير جذري يمكن إدراكه أو لا.