انطلاقًا من سلسلة تضمّ صورًا فوتوغرافيّة وفيديوهات وملاحظاتٍ جمعتها الفنّانة المصريّة رنا النمر، يعمل هذا المعرض على ربط التحوّلات العمرانيّة الرئيسيّة في القاهرة في السنوات الأخيرة، بتصورّ العمارة كإسقاط مزدوج. العمارة كمخطّط للبنيان وكسبيل لتجسيد المتخيّل.
يكرّس التصوير الفوتوغرافيّ المعماريّ غالبًا الثنائيّة البعديّة مصادرًا بذلك فكرتنا عن الفراغ المأهول. تتقصّى رنا النمر في أعمالها تبعات التشكيل البصريّ واللغويّ للمساحة المبنيّة، حيث ترتبط الصور والمعاني المولّدة منه بعلاقة الترادف. كتب روبرت سميثسُن مرّة : أنّنا عندما نرسم صورة بيانية، مسقطًا أفقيًّا لمنزل، مخطّطًا شارعيًا للتدليل على مكان ما أو خريطة طوبوغرافيّة، فإننا نضع بذلك «تصوّرًا منطقيًّا ثنائيّ البعد». تختلف الصورة المنطقيّة عن الطبيعيّة أو الواقعيّة في كونها لا تتشابه مع مدلولها إلا في ما ندر. إنها مجاز أو تشبيه ببعدين اثنين – «س» يمثّل «ص».
توظّف رنا النمر لعبة الإبدال هذه من خلال إبراز التناقض والتماثل بين مستويات مختلفة من التمثيل، مستخدمة اللقطات التصويريّة والأفلام والتسجيلات الصوتيّة والنصوص لتوكيد الفرق، محدثة بذلك وقفات متعمّدةٍ في الخطاب البصريّ المفترض. هذه العناصر تعيد تذكيرنا أن لا مجال لقراءة الصورة من دون الاستدلال بأطر معرفيّة بعينها.