bac-menu-icon

صراع الطبيعة . معرض فردي لقادر عطية

Kader Attia

22 مايو, 2014 - 22 أغسطس, 2014

يتشرّف مركز بيروت للفن بتقديم  صراع الطبيعة» معرض فردي لقادر عطية الفنان الجزائري المقيم في برلين. هذا المعرض هو نتيجة بحث مستمر ومكثّف ومتعدّد التخصّصات حول «مفهوم المشترَك» (أي تعدّدية المعنى ) في «الإصلاح أو الترميم». فمن خلال طرق غير متوقّعة لإستعادة الملكية والإصلاح، يطرح عمل عطية أسئلة أساسية حول ما يجمع ويفرّق الطبيعة والحضارة في مساحات وأوقات مختلفة. يتألّف معرض «صراع الطبيعة» من أعمال أُنتجت بأشكال ووسائط مختلفة من بينها تجهيزات فنية ومنحوتات وكولاج وفيديوهات وعرض شرائح على الحائط وصور فوتوغرافية وقصاصات الصحف وأغراض. 

 يُفتتح المعرض بتجهيز فيديو Mimesis as Resistance «التنكّر كفعل مقاومة» الذي يقدّم ممارسة التنكّر كتمويه، وهي واحدة من أشكال الإصلاح العديدة. يعرض عطية القدرة الفريدة من نوعها لطير القيثارة على تقليد أي صوت موجود في الطبيعة أو الحضارة. فعبر تقليد هذه الطيور لأصوات المناشير الصادرة من عمليات إزالة الغابات إلى صوت تكسّر الأشجار الساقطة، يجسّد هذا الطير مقدرة الطبيعة على التأقلم مع محيطها، وهي عملية يطلق عليها داروين ووالاس إسم «الإنتقاء الطبيعي».     

إن مفهوم الترميم وثيق الصلة بمشاريع ضخمة حضارية ايضاً؛ وتبعاً لتلك الفكرة، سيعيد الفنان إنتاج Kasbah «القصبة» (2009) وهو تجهيز ضخم سيمتد على طول القاعة الرئيسية للمركز. ففي عملية مشابهة لإعادة بناء «قصبة» قام بها قبل 60 سنة تقريباً العمال الجزائريين لبيوتهم في مواقع البناء الإستعمارية، بنى قادر هذا التجهيز من مواد بناء «خرضاوات» من بيروت وضواحيها. رُوكمت على الأرض في إشارة إلى العمارة الإجتماعية الزائلة مثل مدن الصفيح. فتصبح إعادة إعتماد النفايات الحضرية، شكلاً آخر من أشكال الترميم التي سمحت لبناء وحدات سكنية مجّانية ومينيمالية بدرجة عالية من العملية، وذات قياسات ألهمت جيلاً من المهندسين المعماريين أمثال لو كوربوزييه ورولان سيمونيه. 

في آخر كونغرس دولي للعمارة الحديثة (1959)، تحدّت مجموعة من المهندسين المعماريين المتأثرين بأفكار سيمونيه، دوغما العمارة الحديثة – المتجسدة بلو كوربوزييه وميس فان دير روه ووالتر غروبيوس – التي هدفت إلى تصدير طرق البناء الغربي إلى بقية العالم.  وبعد مرور عام، شكّل بعض من هؤلاء المعماريين Team X «فريق X» وبدأوا حركة تحاول تكييف الهندسة مع الخصوصيات البيئية والإجتماعية لسياقها، وبالتالي الرجوع إلى ممارسة بناء الثقافة من الطبيعة.

كما يوجّه عطية إنتباهنا إلى المناهج المتباينة في الترميم في الحضارة الغربية الحديثة والمجتمعات التقليدية وغير الغربية؛ حيث تتمّ عملية الترميم في المجتمعات الحديثة عبر إعادة الغرض إلى حالته الأصلية وكأنّه جديداً. إلاّ أنّ مجموعة أغراض عُثر عليها في مواقع مختلفة تشهد على الرغبة في جعل فعل الترميم واضحاً؛ فيصبح ترميم هيكل دراجة نارية بواسطة الألياف الزجاجية وأجزاء من مغلفات كرتونية أو أيضاً إصلاح عود باستخدام خوذة جندي من الجيش الفرنسي الإستعماري، توقيع «فني» للمصلّح ولفتة سياسية لمبدأ إستعادة الملكية. على رغم اختلافها، يجب أن تُفهم هذه الممارسات كتعبير لرغبة الإنسان التاريخية للسيطرة على الطبيعة.

سيُخصَّص جزءً من المعرض للجسد، كموقع للترميم حيث يشتدّ الرهان السياسي. تبحث أعمال عطية في الجراحة التجميلية والأطراف الصناعية والأقنعة الأفريقية والوجوه المشوّهة للجنود الذين قاتلوا في الحرب العالمية الأولى والمتحوّلين جنسياً. وينتهي مسار الزائر(ة) في معرض «صراع الطبيعة»  عند ترميمٍ على جدران مركز بيروت للفن.