يربط معرض يواخيم كوستر في مركز بيروت للفن، عَمداً، بين الانغماس والتَّطواف، وذلك من خلال حركيّة الصُّوَر والتَّحوير المعماري وتبدُّل اللَّون والشَّكل، ما يؤدي إلى عرقلة وتعطيل المسار المألوف الذي يتبعه الزائر عند تجوّله داخل المبنى. تعكس مجموعة الأعمال المعروضة (2013 – 2017) تنوّع الوسائط التي استخدمها الفنان طوال السنوات الاثني عشر الماضية، من الفيلم الرَّقمي إلى التصوير الفوتوغرافي إلى الأعمال الصوتية بالتعاون مع ستيفان أ. پيدرسن، و من النحت إلى القطع البيئية.
يواخيم كوستر هو فنان دنماركي يستقي في ممارسته من عدد متنوّع من المجالات، كالرّقص والسّينما والمراسم المُتداوَلة والشعائرية، ولكن أيضاً من التقنيات الشفائية والتنويمية. تقترح أعمال كوستر استكشافاً مُتأنياً للآثار التي يحفرها التاريخ في أجهزتنا العَصَبيّة والعَضَليّة، والتي يعيدُ الفنان إحيائها مُستعيناً بممارساتٍ حركيّة مختلفة. على مر السّنين، وضع كوستر ما يشبه الأرشيف الخاص بالجسد المتحرّك، في عملية تُغذّي أبحاث الفنان الحركيّة والكوريغرافيّة، وتحوّل فضاء المعرض إلى مساحات للتجريب تبرز فيها الحالات والتساؤلات المتجاوزة للغة. تصبح الأجساد في الوقت نفسه حاويات ومُرسلات وعوامل للحُجوب وللتدوين. يحوّل كوستر الجسد إلى لغزٍ وإلى حيّزٍ محتمل للتَّبادُل.
تكوّنت فكرة معرض يواخيم كوستر في بيروت من قدرة الفنان على ربط الرّوحانيّة باللغة وبتجليّات الجسد في بعده الجغرافي والسّياسي. هذه الأسئلة هي ضروريّة ومهمّة في لبنان على وجه التَّحديد، حيثُ ترسمُ الأديان أُطُراً عنيدة وقاسية للحياة السياسية والاجتماعية، وحيثُ تأخذ أسئلة الهويّة الأسبقيّة على البُعد الرّوحاني، وهي إحدى القضايا التي يتطرَّق لها هذا المعرض.
المعرض من تنظيم القَيِّمة ماري موراكسيول
بدعم من «مؤسَّسة الفُنون الدَّانمركيّة»